تقرير عن الأطفال ضحايا الحرب

تقرير عن الأطفال ضحايا الحرب
أن عالم الطفولة منذ القدم كان موضع اهتمام المفكرين والفلاسفة ورجال السياسة وعلماء الاقتصاد والنفس والاجتماع , ومع تطور المجتمعات البشرية وارتقاء حالتها المدنية والحضارية ازداد الاهتمام بالطفل من الناحية الاجتماعية والقانونية , ولا سيما بعد الحربين العالميتين وما تركتاه من دمار وأثار سلبية على المستويين الإنساني والأخلاقي .
فالتجارب والمآسي التي مرت بها الشعوب في تلك الحقبة المدمرة على الصعيد الإنساني العام والطفولة بشكل خاص , دفعتها للبحث والسعي الى وضع روادع قانونية تحمي الاطفال من القتل والتعذيب والاتجار والاستغلال , وتؤمن لهم الرعاية الكاملة بغية تنشئة جيل سليم معافى متعلم ومنفتح الأفق نحو المستقبل
فمن أكثر ضحايا الحروب والنزاعات , الاطفال , إن لم يتأثروا بأي مكروه جسدي فان التداعيات النفسية تؤثر عليهم حيث باتت معضلة عصية على الحلول وكل يوم هناك مأساة جديدة فالأطفال هم الحلقة الأضعف في هذه المأساة التي لم تنته من التهام أحلامهم , فمعاناه الأطفال من الحروب لا تتوقف بتوقف المدافع بل تصاحبهم الى مراحل متقدمة من أعمارهم
ففي البلدان المتأثرة بالنزاعات يتعذر على الكثير من الأطفال إرتياد المدارس ويعود لعدة اسباب منها تضرر المدارس أو استخدام القوات العسكرية لها , وتعرض المدرسين للتهديد أو الاستهداف او فرارهم بسبب انعدام الامن, فقد لا يتاح للأطفال النازحين الذين يعيشون في المخيمات تقديم وثائق وشهادات رسمية تخولهم للالتحاق بالمدارس غير أن هذه الاوراق غالباً ما تضيع اثناء النزوح , والوصول الآمن الى التعليم أمر بالغ الاهمية ليس فقط للتعليم في حد ذاته ولكن أيضا للحماية التي توفرها المدارس الامنة للأطفال ويمكن لهذة الاماكن أن تحمي الاطفال من تجنيد الجهات المسلحة لهم وأن تسهم في جمع الاسر والمجتمعات , ويمكن أن يساعد الذهاب الى المدرسة الاطفال على تحمل التوتر اليومي الناجم عن التعرض للعنف المسلح
ومن أكبر الامثلة على ما يجري في سوريا فليس العمل وحده من يهدد أطفال سوريا , بل كذلك تزويجهم , فنسب تزوج الفتيات القاصرات مرتفعة بين صفوف اللاجئين السوريين عما كان عليه الحال قبل الحرب , وللا استقرار هو المشكل الأبرز فالنزاعات المسلحة في أكثر من بلد تعد منبع الخطر للطفل بحيث تسبب نزوح السكان وتسرق من الاطفال براءتهم ودراستهم وأسرهم وتماسكهم الاجتماعي وأيضا ظاهرة عمالة الاطفال فملايين الاطفال يعملون لمساعدة أسرهم في حين جماعات السكان الأصليين أو الطبقات الدنيا هم أكثر عرضة للتسرب من التعليم للعمل كما أن الاطفال المهجرين أيضا معرضون للعمالة الخفية وغير المشروعة , و أوضحت تقارير صحفية أن أكتر من مليوني طفل داخل سوريا وأكثر من ثمانمئة ألف طفل بدول الجوار باتو خارج المدارس وذلك بسبب استمرار النزاع , في حين حذرت منظمات حقوقية ودولية كمنظمة sava the chigdren أن الاطفال في سوريا يعانون من العنف النفسي والجسدي بدرجات عالية , وأن من المحتمل أن يكون الزمن كفيلا بنسيان الطفل للصور والمشاهد المؤلمة التي رآها أمام عينية ولكن سوف يترك ذلك آثرا في نفسه وتصرفاته بحيث أن اثار الحروب والصدمات ستتضح على المدى البعيد وذلك يختلف من طفل الى اخر ومن مرحلة عمرية لأخرى
أما على صعيد التعليم فيبدأ بعدم التركيز في الدراسة والتصرفات العدائية أحيانا , ذلك نتيجة شعوره بالخوف وانعدام الشعور بالأمان
يركز علماء النفس على الصدمة كأكثر الآثار السلبية للحروب انتشارا بين الأطفال فغالبا ما يصاحب الصدمة خوف (فوبيا) من الأحداث والأشخاص والأشياء التي ترافق وجودها مع الحرب مثل صفارات الإنذار وصوت الطائرات والجنود إلخ يقابلها بالبكاء أو العنف أو الغضب أو الاكتئاب الشديد ,أما اذا كانت الصدمة ناجمة عن مشاهدة الطفل لحالات الوفاة مروعة أو جثث أقارب لهم , فإنها يمكن ان تؤثر على قدراته العقلية وتتسبب الصدمة في معاناة الأطفال من مشكلات عصبية ونفسية ممتدة مثل الحركات اللاإرادية وفقدان الشهية للطعام وابتعاد عن الأخرين , وميل للتشاؤم واليأس
وتفجر الحروب لدى الأطفال ولا سيما الصغار منهم أزمة هوية حادة فالطفل لا يعرف لمن ينتمي ولماذا يتعرض لهذه الآلام أما الأطفال الأكبر فيجدون أنفسهم وقت اصبحوا في موقف الجندية عليهم الدفاع عن أنفسهم وذويهم وحتى أذا لم يفعل الأطفال ذلك فإنهم يجدون أنفسهم في حالة من التشرد والفقر تفوق قدرتهم على الاستيعاب خصوصا على التعبير الجيد عن المشاعر والرغبات مما يغذي مشاعر الدفينة تظهر في مراحل متقدمة من أعمارهم في صور عصبية وانطواء وتخلف دراسي وغيرها من الأعراض وإن اخطر أثار الحروب على الأطفال ليس ما يظهر منه وقت الحرب , بل ما يظهر لاحقا في جيل كامل ممن نجوا من الحرب وقد حملوا معهم مشكلات نفسية لا حصر لها تتوقف خطورتها على قدرة الأهل على مساعدة أطفالهم في تجاوز مشاهد الحرب
وفي حالات كثيرة لا يحصل المصابين والأطفال بشكل خاص على العلاج اللازم اثناء الصراعات والحروب ذلك نتيجة لوجود نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية ووجود اعداد كبيرة من المصابين والمرضى وبالتالي عدم قدرة المراكز الصحية والمستشفيات على استيعابهم وتأمين اللازم لهم , حيث يجسد ذلك ما يحدث في سوريا المعاناة الحقيقية للحرب على الأطفال واستهدافهم من قبل القوة الأكثر كفاءة , ليكون الأطفال هم الضحية الكبرى والخاسر الأكبر فمعظم القتلى والجرحى هم من الأطفال وما تبقى من الأطفال يواجه مشاكل نفسية كبيرة جراء الحروب من نقص في الغذاء والماء وحتى تعطيل الدراسة
فالتأثير السلبي لأجواء الحروب على الأطفال يكاد يكون أمرا مسلما به لكن على الجانب الآخر هناك من يرى في تلك الأجواء شيئا من الإيجابية اذ يشير بعض التربويين الى ان الجيل الذي يعيش تلك الأجواء سيكون أكثر قوة وقدرة على التحمل شرط أن يكون وراء هؤلاء الصغار أسر واعية تشرح لهم ما وراء مشاهد الحرب التي يعايشونها أو يشاهدونها ولذلك من المهم ألا يجلس الطفل بمفرده أمام نشرات الأخبار بل لابد من وجود بالغ بجواره يشرح له دلالة الأحداث وما وراها , حيث الأثار السلبية لتلك المشاهد لا تنتهي بنهاية مرحلة الطفولة , بل تشكل منظارا يرى الطفل العالم من خلاله ولأن الأطفال لا يفهمون مبررات الحرب كما يفعل الكبار فأنه لا سبيل أمامهم للتعبير عن تأثيرهم بما يعانون ويعايشون ويرون من تلك الحرب إلا الانطواء والعدوانية ويواجه الأهل تحديات كثيرة في التعامل مع أطفالهم أثناء الحروب ليس في البلدان التي تدور فيها الحرب فحسب بل في البلدان التي تتابعها على شاشات التلفاز ففي كل الأحوال يحتاج الأطفال الى معاملة خاصة من ذويهم سواء كانوا ضحايا للحرب أو مجرد متابعين لها وحيث أن بعض البلدان أدركت خطورة هذه المسألة فعمدت الي مساعدة الآباء والأمهات من خلال حصص دراسية في المدارس تهيئ الأطفال للتفاعل مع الحرب دون صدمات
فأول ما يجب أن نفعل عند تعرض الطفل لظروف مروعة في الحروب هو احساسه بالاطمئنان ودعمه نفسياً بأن كل شيء سيكون على ما يرام مع تشتيت فكره عن الحدث المروع , أما الأطفال الأكبر سنا فيمكن مناقشة ما يجري معهم وإقناعهم بانهم في مكان آمن وأن القصف لن يطالهم مع عدم منعهم من البكاء أو السؤال عما يجري
ولمساعدة الأطفال في ظل هذه الظروف لا بد من :
حماية الاطفال في النزاعات والحروب وابعادهم عن الاماكن الخطرة و تامين بيئة امنة لهم
• تفعيل التعاون ووجود آلية عمل متكاملة اثناء وبعد الخروج من الصدمة أو من اجواء الصراع والحرب بين الاسرة من جهة وبين الأخصائي النفسي والاجتماعي من جهة اخرى
• محاولة تهدئتهم وإشعارهم بالأمان والسلام
• تعليمهم كيفية حل النزاعات التي تواجههم في حياتهم بطرق سليمة وكيفية الصبر والتحمل
• دعم الأسرة اقتصاديا والحد من الفقر عبر برامج تنموية حقيقية
• توفير الغذاء والشراب المناسب للأطفال والدواء عند الحاجة
• مساعدتهم في تعلم أمور وهوايات متعددة ودعم مهاراتهم وتقويتها واشغالهم بأمور تفيدهم في المستقبل وذلك من أجل ابعاد تفكيرهم عن الماضي والحروب التي واجهوها
• الاستماع الى الأطفال والحديث معهم عن مخاوفهم
• الاستمرار في روتين الحياة اليومي من أجل تخفيف التوتر
• تبسيط الأمور التي تحدث من حولها لكي يستطيع الأطفال استيعابها للاطمئنان
• تقديم الدعم اللازم للحكومات لاجل خلق بيئة تعليمية تساعد على تمكين الاطفال ذهنيا وعمليا وتدريبهم على سبل الاعتناء بانفسهم وعوائلهم
إعداد مركز الأبحاث وحماية حقوق المرأة في سوريا
20/11/2020

شاهد أيضاً

بيان استنكاري بخصوص الأعمال الإرهابية و اللاإنسانية التي قام فصيل موالي للاحتلال التركي

بيان استنكاري إننا في مركز الأبحاث و حماية حقوق المرأة نستنكر الأعمال الإرهابية و اللاإنسانية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *